قسم التوجيه والإرشاد الأسري

قائمة الأقسام
  • أيقونة الصبر
  • الكاتب:شيماء الحسيني
  • تاريخ الإضافة:12/03/2020
  • المشاهدات:694
  • تم الاضافة بواسطة:abosoor

أيقونة الصبر

طاقة إيجابية عظيمة وفريدة من نوعها، مستَمَدّة من البيت النبويّ والعلويّ ساهمت في صناعة السيدة الجليلة زينب ابنة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) والتي استحقّت بجدارة اللقب المعروف عنها: جبل الصبر.

زينب عليها السلام السيدة التي هُيّئت منذ اليوم الأول في حياتها لتُسجّل أروع صفحة في جهاد المرأة المؤمنة في قضية الإسلام الخالدة (ثورة عاشوراء) لتؤدّي دور عظيماً، حين رفع الإمام الحسين عليه السلام شعار النهضة الحسينية (إنّي لم أخرج أشِراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي صلى الله عليه وآله وأبي عليّ بن أبي طالب عليه السلام).

وفي لحاظ أنّ الإمام الحسين خرج لقضية مُجْبَرٍ عليها، باعتبارها مهمّته وواجبه كإمام معصوم، لم يبالِ بالموت وبما يجري عليه من ظلم، كانت زينب عليه السلام خيرَ سندٍ وعضد لإمامها وأخيها الحسين (عليه السّلام) ومثالاً للتسليم لله ولطاعته (عزّ وجلّ) إذ أنّ مولاها مأمور بالنهضة، فمَن تُقدّم لأخيها وقرّة عينها جواد المنية إلاّ تلك العالمة العارفة بتكليفها، والمسلّمة لقضاء الله أيّما تسليم، وهو تسليم كامل لأمر الله تعالى، والتزام بالتكليف المُلقى على عاتقها، ومحوريّة هذا التسليم المشيئة الإلهية التي اقتضت خروج السيدة زينب إلى كربلاء (وشاء الله أنْ يراهنَّ سبايا).

إنّ للسيدة زينب (عليها السّلام) شخصية فريدة لا تتكرّر في التاريخ، وذلك لارتباطها بالله تعالى، ممّا منحها قدرة روحيّة هائلة طفحت من خلالها على لسان الحوراء عبارات الخلود المجسّدة للتسليم الإلهي، وذلك في قولها: (اللهم تَقَبَّلْ منّا هذا القربان..!!)

فالكلمات تتصاغر أمامها وتتلاشي الأقلام حائرة وخائرة، فأيّ أحرف نطقت بها ابنتُ الزهراء؟! وأيّ بلاغة تفرغ عنها ابنت سيد الموحّدين؟! وأيّ فصاحة تُكمّم أمامها الأفواه؟! وتوجل القلوب وتتحرك الضمائر.. وهي تدعو الله أن يتقبّل من البيت الطاهر قربان العقيدة..

فما كان لله إلاّ أن يجزيها خير الجزاء في الدنيا والآخرة.. كيف لا؟! وهي الشامخة الخالدة عبر العصور والأزمان.. يستقي منها الظامئون لدروس العقيدة والإيمان والصبر، ويجزيها ما لا يعلمه إلاّ الله من ثواب الآخرة، قال تعالى: ﴿بَلَىٰ مَن أَسلَمَ وَجهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحسِنࣱ فَلَهُۥۤ أَجرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوفٌ عَلَیهِم وَلَا هُم یَحزَنُونَ﴾ [البقرة ١١٢].

وهي كانت بحقّ مدرسة للصبر، فقد صبرت على المحن المتتالية عليها من وفاة جدّها رسول الله (صلّى الله عليه و آله وسلّم) وأمّها فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وما لاقت من ويلات اليُتم ولوعته، ثم جاءت مصيبة الحسن وظليمته، ثم الحسين ورزيّته، والأضاحي المجزّرين على رمضاء كربلاء من أخوتها وبنيها وأهل بيتها، ثمّ الأسر وأهواله، ثمّ ذلّ الاستخفاف وشماتة الأعداء وما لاقته في طريق الأسر الى الشام، فهي بحقّ أيقونة الصبر على مرّ السنين.

والسلام عليها يوم وُلدت ويوم توفيت ويوم تُبعث حيّة..


التالي السابق