قسم التوجيه والإرشاد الأسري

قائمة الأقسام
  • هُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ.. وَمَوْتُ الْجَهْلِ
  • الكاتب:شيماء الحسيني
  • تاريخ الإضافة:09/03/2020
  • المشاهدات:1465
  • تم الاضافة بواسطة:abosoor

هُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ.. وَمَوْتُ الْجَهْلِ

يقول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) واصفاً أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) في خطبته ذات الرقم (237):

«هُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ، وَمَوْتُ الْجَهْلِ، يُخْبِرُكُمْ حِلْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ، ظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ حِكَمِ مَنْطِقِهِمْ. لاَ يُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ.

هُمْ دَعَائِمُ الْإِسْلاَمِ، وَوَلاَئِجُ[1] الْاعْتِصَامِ، بِهِمْ عَادَ الْحَقُّ فِي نِصَابِهِ[2]، وَانْزَاحَ الْبَاطِلُ[3] عَنْ مُقَامِهِ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ مَنْبِتِهِ[4]. عَقَلُوا الدِّينَ عَقْلَ وِعَايَةٍ وَرِعَايَةٍ[5]، لاَ عَقْلَ سَمَاعٍ وَرِوَايَةٍ. فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ».

يبيّنُ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) للمسلمين حقيقة محمد وآله، فيصفهم بأنّهم روح العلم والنور الذي أزاح ظلمة الجهل، وأنعم الله بهم على الناس ليكونوا أماناً لكلّ خائف، وملاذاً لكلّ لائذ، يستمدّون القوّة في الله ودينه من الحقّ الذي هم أصله، فمهما انفكّ أو حاول محاولون فكّه عنهم فإنّه عائد إليهم لامحالة.

أحاطهم الله بعنايته فخذل كلّ معاند ومعاد لهم، على أيديهم انتفت حجّة الباطل وظهر زيفها, عرفوا العلوم وحفظوها معرفةَ فهمٍ وإتقانٍ وإحاطةٍ، حتى صاروا كتاب الله الناطق بتطبيقهم أحكام الدين القويم.

ويمكن لكلّ متأمّل فيهم أن يعرف حلمهم وروّيتهم التي تُنبئ عن فضلهم، لأنّ الصفح لا يصدر إلاّ من حليم عالم, وهو ما يحكي لنا حسن أفعالهم وجمال سرائرهم وإخلاصهم لله تعالى شانه.

فهم (عليهم السّلام) لا يميلون عن الحقّ، ولا يلتبس عليهم كما يلتبس على غيرهم ممّن يدّعي العلم, ولفضلهم هذا أخلصهم الله له وجعلهم أركاناً لدينه.

إنّ المولى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وإن تحدّث عن فضل محمد وآله (صلّى الله عليه و آله وسلّم) ولم يخصّ نفسه بذكرٍ في هذه الكلمات إلاّ أنّ الروايات الواردة عن رسول الله (صلّى الله عليه و آله وسلّم) تؤكّد فضله، ومنها: (معاشر الناس إن عليّاً صِدِّيقُ هذه الأمّة وفاروقها ومحدّثها، إنّه هارونها ويوشعها وآصفها وشمعونها، إنّه باب حطّتها وسفينة نجاتها، وإنّه طالوتها وذو قرنيها، معاشر الناس إنه محنة للورى، والحجّة العظمى والآية الكبرى وإمام الهدى والعروة الوثقى)[6]

كما ورد عن الإمام أبي عبدالله الصادق (عليه السّلام) بيان لفضل أمير المؤمنين حين قال: (اعلم أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أفضل عند الله من الأئمة كلّهم، وله ثواب أعمالهم، وعلى قدر أعمالهم فُضّلوا)[7]

ونحن نعيش في أيام ولادته الميمونة حريّ بنا أن نتأمّل في فضائل أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام) ومكانته عند الله وعند رسوله لنحظى بثواب محبّته ونصرته.

-----------------------------------------------

[1] ولائج ـ جمع وَلِيجة ـ وهي ما يدخل فيه السائر اعتصاماً من مطر أوبرد أو توقياً من مفترس.

[2] نِصاب الحق: أصله، والأصل في معنى النصاب مقبض السكين، فكأن الحق نصل ينفصل عن مقبضه ويعود إليه.

[3] انزاح: زل.

[4] انقطاع لسان الباطل عن مَنْبِته ـ بكسر الباء ـ أي: عن أصله، مجاز عن بطلان حجته وانخذاله عند هجوم جيش الحق عليه.

[5] عقل الوعاية: حفظ في فهم. والرِعاية: ملاحظه أحكام الدين وتطبيق الأعمال عليها، وهذا هو العلم بالدين.

[6] الأمالي - الشيخ الصدوق - الصفحة ٨٣

[7] تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج ٦ - الصفحة ٢٠


التالي السابق