تقرأ في وجهيهما الرضا بقضاء الله وقدره، وحولهم أطفال لم يزل عودهم أخضراً، الأكبر كان يدفع عربة والده، والأم من خلفه، وعلى جانِبَي ذلك الكهل الخمسيني ولدان، ألقينا التحية عليهم فردوها بابتسامة، ولأنَّ الأب كان مُعاقاً -كما بدا لنا- حيث بُترت إحدى رجليه، فقلنا -حينئذ- لابد من وجود قصة لهذا البتر، وحكاية في هذا الطريق..
(زهير يونس جمعة)قطع مع عائلته المسافة من البصرة إلى كربلاء في ستة عشر يوماً، يقول إنها للسنة السابعة، ولكنْ لم تكن هذه السنة كأخواتها، فقد بُترت إحدى قدميَّ بسبب إصابتي بمرض السكري، وكنتُ قبل أن أنوي المسير قلقاً من وصولي إلى كربلاء، وأنا على هذا الحال، وها أنا اليوم عند سيدي الحسين عليه السلام، وكأنَّ أجنحة الطير جاءت بي، حيث مهوى الأفئدة، ومن عنده تحطُّ الرحال.
حينها ازددنا يقيناً أنَّ الله تعالى يرعى بعينه التي لاتنام زوار الحسين عليه السلام، خصوصاً حينما وجدنا مثل(زهير)الذي عَجِزَ عن المسير على رجليه، جاء لزيارة الأربعين، تتلاقفه أيدي زوجته وأولاده؛ لتدفعه في طريق ياحسين، وكأنها تتسابق مع الأصحَّاء لبلوغ كربلاء، تلك الأيدي الناعمة التي لم تتنكر لتضحيات رب الأسرة، الذي طالما ضحَّى بعمره من أجلهم؛ لتوفير العيش الكريم في عزٍّ وكرامة.
تركنا تلك الوجوه المطمئنة، وكأنهم خوَّلوا الأب أن يقول كلمته الأخيرة لنا مبتسماً(تهونُ الخطوبُ في طريق ياحسين).
إعداد: علي الخفاجي.
المراسل: عبد الله الشيباوي
المصور: علي السلامي