دار حوار بين الله تعالى والملائكة حول تنصيب خليفة لله تعالى على أرضه يتمتع بمؤهلات وقابليات استحق بها هذا المنصب والتكريم، (إني جاعلٌ في الأرض خليفة)، ولما كانت الملائكة غير عارفين بما يتمتع به من كمالات استعظموا الأمر، وقالوا:(أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك، ونقدس لك؟) وكان جوابه سبحانه: (إني أعلم مالا تعلمون).

نقف هنا على مسألة التشديد على إبراز (علم الله)، وأن الملائكة الذين اُختيروا وفق تركيبة خاصة، حتى هؤلاء لا يمكنهم أن يقفوا على الأسرار وما تنطوي عليه من الحكم والمصالح، ومن هنا جاء التعقيب على تساؤلهم المذكور، بانّ الله (يعلم ما لا يعلمون) تأكيداّ لهذه الحقيقة.

وهنا لا بُد لنا أن نفهم بأن كل حكم شرعي أو أمر إلهي أو ابتلاء من الله سبحانه أو حادثة مرت بنا أو موقف أحزننا قد نجهل حقيقته فنعترض عليه سبحانه، ونحزن، أنه علينا حينها التسليم له تعالى والرضا بقضائه فهو العليم الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، الحكيم بما يصلح حالنا، المحبّ لعباده فكل شيء منه تعالى هو خير وصلاح للإنسان، فلماذا الخوف إذن إن كان بيده سبحانه كل الأمور؟

فيا من عصفت بك الأحوال وصار كل شيء ضدك، اترك أمورك لله تعالى فهو يحبك، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، وافهم عسى تأخيرك عن سفرٍ خير، وعسى حرمانك من زواج بركة، وعسى ردك عن وظيفة مصلحة، وعسى حرمانك من طفل خير، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم، لأنه يعلم وأنتم لا تعلمون.