في طريق الحسين عليه السلام تُذلّل المصاعب وتهون الأوجاع، ولأنّه طريق العاشقين لمعشوقهم فهو طريق الحبّ ولوفاء، وفي هذا الطريق ترتسم خطوات الشيوخ والكهلة لتُبرهن عن حبّها وولائها، وهي خطوات أتعبتها سنوات الحرمان، وأثقلتها هموم الزمن، حتى باتت اليوم تتسابق لأجل الوصول الى كربلاء، متناسية كلّ تلك الآلام والهموم والمتاعب، لتصرخ بكلّ وفاء: (لبّيك يا حسين) هذه الصرخة التي تُخلّد قائلها مع خلود ثورة الحسين عليه السلام.
ونحن في طريق (يا حسين) كانت لنا عدّة لقاءات مع زائري الإمام الحسين (عليه السلام) ووقفتنا الأولى كانت مع الحاج (مهدي محمد) وهو من مواليد 1950م وهو مصابٌ بالشلل، أتى برفقة الأهل والأحبّة ليشارك في زيارة الأربعين، ويسجّل اسمه مع أسماء المعزّين، وقال لموقع النشاطات العامة موضّحاً سبب زيارته: "جئتُ اليوم وكلّي إصرارٌ على الوصول الى مرقد سيد الشهداء، لأجدّد له العهد بالبقاء على نهجه التصحيحي، ولأقدّم العزاء لسيدتي ومولاتي الزهراء عليها السلام وأنا تحت قبّته الشريفة".
ويضيف الحاج (مهدي) قائلاً: "بصراحة هذه الجموع الزاحفة أنْسَتْني عَوَقي الذي عانيتُ منه كثيراً، وهذه الحشود أنْسَتْني ألم السفر ومشقّة الطريق، وأنا أعيش مشاعر يصعب وصفها والحديث عنها، أرجوا من الله قبول إعمالنا واستجابة دعائنا".
وأما لقاؤنا الثاني فكان مع السيد (جاسم جبر) وهو من أهالي العمارة، وهو رجل مُعاق ولكنّه لم يتخلّف عن زيارة الحسين عليه السلام طوال هذه السنين، ولمّا طلبنا منه الحديث تفضّل قائلاً: "زيارة الحسين (عليه السّلام) شيء عظيم، وبركة من بركات الله التي أنعم الله بها علينا، وهي فضلٌ يستحق الشكر في كلّ وقت، لكون الإمام الحسين عليه السلام سرّ من أسرار الله العظيمة، وباب من أبواب الرحمة، وباعتقادي أنّ هذه الزيارة هي دعوة خاصة لا ينالها الجميع، لأنّها تتمّ باختيار الإمام الحسين عليه السلام، ولا ينالها إلاّ ذو حظّ عظيم".
ويضيف السيد (جاسم جبر): "مشاعري لا توصف وأنا أدخل كربلاء المقدّسة، فمشاهدتي لقباب النور تمنحني القوة ونسيان التعب، نحمد الله على هذه النعمة العظيمة، أتمنّى أن تصل رسالة الولاء الحسيني التي أطلقها الزائرون المؤدّون لهذه الزيارة المليونيّة الى كلّ المبغضين والحاقدين، وليعرفوا بأنّ مسيرة الحسين عليه السلام مسيرة لن تتوقف، لأنها امتداد لرسالة السماء، وأنصح جميع الشباب المؤمن بضرورة مواكبة المسيرة الحسينية، والسير على خطى الإيمان والإصلاح".
المصوّر: محمد الخفــاجي
المراسل: محمد المسـعودي
المحرّر: عبدالرحمن اللامي