- ومضة قرآنية - إلغاء الآخر
- الكاتب:طاهرة الموسوي
- تاريخ الإضافة:09/05/2023
- المشاهدات:368
- تم الاضافة بواسطة:Maitham.Ninawa
ومضة قرآنية - إلغاء الآخر
هناك فئة من الناس يحصرون الصواب في جهتهم، ويغلب العناد والتعصّب كلامهم، فلا رأي إلا رأيهم، ولعل من ذلك مقولة فرعون لقومه: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) غافر:29.
في هذه الآية يحدثنا القرآن الكريم أن الديكتاتور الطاغية فرعون أخذ يتململ من أمر موسى عليه السلام الذي بدأ يظهر وينتشر بين الناس، ودخل فرعون في حوارات ونقاشات حادة مع قومه حول موسى وأمره ودعوته، فلم يكن يطيق سماع رأي غير الذي يراه، بل لم يكن يتصور أن أحداً يرى رأياً يخالفه.
وكان هناك رجل مؤمن يكتم إيمانه أخذ ينصح قومه بلين وحكمة، ويقول لهم أن بيدكم حكومة مصر الواسعة مع خيراتها ونعيمها فلا تكفروا بهذه النعم فيصيبكم العذاب الإلهي (يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا).
ويظهر أنّ هذا الكلام أثّر في حاشية فرعون وبطانته، فقلّل من غضبهم وغيظهم، لكن فرعون لم يسكت ولم يقتنع، فقطع الكلام بالقول: (ما أريكم إلاّ ما أرى)، أي: ما أراه هو الصواب لا غيره، والمصلحة تكمن في قتل موسى، ولا حلّ لهذه المشكلة سوى هذا الحلّ، ثمّ إنني: (وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد).
وهذا مع الاسف ليس حال الطواغيت والجبّارين فقط، بل هناك طائفة من الناس يعتبرون كلامهم الحق دون غيره، ولا يسمحون لأحد في إبداء وجهة نظر مخالفة لما يقولون، فهم يظنون أن عقلهم كامل، وأنّ الآخرين لا يملكون علماً ولا عقلا، وهذا هو منتهى الجهل والحماقة، فعلينا أحبتي أن نتدبر في هذا المشهد القرآني ونفتش في زوايا حياتنا فهل نحن ممن ينفتح على الآخر ويسمع ويتحاور؟ أم أننا كفرعون في إلغاء الآخر؟.